الأربعاء، ١٣ ربيع الأول ١٤٣٢ هـ

استقلال القضاء

أصبح موضوع استقلال القضاء من الموضوعات  المثارة من طرف المنظمات الحقوقية المغربية وعلى رأسها المجلس الاستشاري للحقوق الإنسان ,والجمعية المغربية للحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة , وإذا كان نظام أي دولة من دول المعمور تقوم على سلطات ثلاث السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية فإن المغرب صار على درب الديموقراطيات العريقة في النص على ذلك بصريح الدستور الفصل 82 عن الفصل بين هذه السلطات الثلاث وعدم تدخل السلطة التشريعية والتنفيذية في عمل السلطة القضائية , ويعتبر الضامن الأساس لاستقلال القضاء أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس  نصره الله باعتباره يترأس المجلس الأعلى للقضاء , وما يزكي هذا الاستقلال وضع تنظيم قضائي خاص بمختلف المحاكم يبين كافة  الهيئات القضائية المكونة لها واختصاص كل محكمة,  هذا إلى جانب القانون الأساسي لرجال القضاء ,  الذي يجعل القاضي في مأمن  من تدخل من السلطتين,  كما يحميه من العزل والنقل حيت يخضع في حالة أي  مخاصمة أو تجريح للمساطر دقيقة تحمي حقوقه الكاملة في الدفاع عن نفسه,  حيث تجري مسطرة المتابعة أمام المجلس الأعلى , وهو مؤسسة مستقلة عن السلطتين كذلك , ومما زاد في تعضيد الاستقلال المشروع الكبير لإصلاح القضاء الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس  في خطاب ثورة الملك والشعب 20 غشت 2009..
ويعتبر هذا الخطاب بمثابة خريطة الطريق لورش كبير يحتاج لتظافر كافة القوى الحية في البلاد ,حيث تضمن الخطاب الملكي  مجموعة من البنود العريضة , كان من أهمها إعادة الاعتبار للقضاة عن طريق الرفع من التحفيزات المادية.
وإعادة تأهيل البنيات التحتية للمختلف المحاكم عن طريق تزويدها بالتكنولوجيا المتطورة هذا إلى جانب مراجعة بعض القوانين حتى تتلاءم مع المستجدات التي يعرفها المغرب على المستوى الحقوقي كقانون المسطرة الجنائية تماشيا مع سياسة المغرب المتعلقة بإصلاح السجون المغربية وإعادة إدماج السجناء وإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ المكلف بمتابعة وضعية الجاني داخل المؤسسة السجنية والعمل على تفعيل نظام التدابير الوقائية.
وإذا كانت كافة هذه الإصلاحات تعبر عن الشوط  الكبير الذي قطعه المغرب بالنسبة لاستقلال القضاء , فانه لازالت هناك بعض العوائق تقف عائقا أمام الاستقلال الكامل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية , وهذه النقطة نستقيها من مقتضيات المسطرة الجنائية التي  تكرس التبعية المطلقة لمؤسسة النيابة العامة لوزير العدل,  فهو يعتبر الرئيس الإداري لهذه المؤسسة وأعضائها ملزمون بإتباع تعليماته الكتابية في متابعة شخص ما أو عدم متابعته ,  فهذا المقتضى يحد لا محالة من هذا الجهاز القضائي ويجعل عضو النيابة العامة  يتعرض للعزل أو النقل المباشر من طرف وزير العدل مباشرة في حالة صدور أي إخلال بالتعليمات الموجهة إليه من طرف الوزير.
لذا يجب على المشرع المغربي في أول فرصة تتاح له أن يعمل على تعديل هذا المقتضى وذلك بإلغاء التبعية المباشرة للوزير العدل وحفاظا على استقلال ونزاهة قضائنا.               

بقلم: عبد الغني العداسي

ليست هناك تعليقات: